روايات رومانسيهرواية تعافيت بك

رواية تعافيت بك الفصل 31

“رواية تَعَافَيْتُ بِكَ”
“الفصل الواحد و الثلاثون”
___________

رواية تعافيت بك الفصل 31 رفضني العالم بوسعه، فأحتواني بين ذراعيه بكل حنان”
___________

تسير في الحياة مشوشًا فتصبح بها مغلوب، وكلما نضجت أكثر زادت في قلبك الندوب، إلا أن يأتي لك من يُصالحك به القدر، فتصبح روحك بعده كالصحراء بعد نزول المطر.

“ما بدري يا أستاذ ياسين، هي دي الأمانة؟”

إرتجف جسدها بشدة، وتمسكت به أكثر، بينما هو أخذ نفسًا عميقًا زفره على مهلٍ حينما رآى «وليد» أمامه، بينما «وليد» إتسعت بسمته وقال بِـسماجة:

“إيه يا جماعة اتخضيتوا ولا إيه؟”

نظر له «ياسين» بحنقٍ ثم قال:
“يا أخي الله يسامحك، إفتكرتك عم طه؟”

رد عليه «وليد» بسخرية:
“لأ عم طه مش هيسأل، هيمد إيده علطول”

قال جملته ثم وجه بصره نحو «خديجة» ، فوجد علامات الخوف بادية عليها، نظر لـ «ياسين» ثم قال:

“هي مالها فيها إيه؟”

نظر له «ياسين» بسخرية وكأنه يسأله ثم قال:
“والله؟ على أساس اللي أنتَ عملته دا كان عادي؟”

أومأ «وليد» بقوة ثم قال:
“آه عادي والمفروض تشكروني أصلًا”

نظرت له «خديجة» بتعجب بعدما هدأت قليلًا ثم قالت:
“نـ.. نشكرك ليه يعني؟”

إبتسم بغرورٍ ثم أضاف قائلًا:
“علشان باب الأسانسير كان متعلق في الدور الأول، و أبوكِ و أعمامك قاعدين وباب الشقة كان مفتوح، أنا بقى ظبط الدنيا وقفلت الباب عليهم علشان محدش يضايقكم”

ربت «ياسين» على كتفه بهدوء ثم قال:
“دا جِميل أشيلهولك فوق راسي، بس أنتَ عرفت كل دا إزاي؟”

إبتسم «وليد» بخبثٍ ثم قال:
“كنت واقف في البلكونة عندنا وشوفتكم، قولت ألحق الدنيا”

إبتسمت له «خديجة» بحب ثم قالت:
“شكرًا يا وليد، طول عمرك بتلحقني”

نظر لها بسخرية وهو يقول:
“ولما هو أنتِ كنتِ خايفة كدا، بتتأخري برا ليه؟”

بدل أن تجيبه أخفضت رأسها في خجلٍ، بينما «ياسين» قال بهدوء:

“معلش خليها عليك، لما تكتب الكتاب هتعمل أكتر من كدا”

وافقه «وليد» في الحديث ثم أضاف قائلًا:
“لأ أنا هكتب الكتاب وأطلع الساحل الشمالي علطول، مفيهاش تفكير دي”

ضحك «ياسين» على حديثه و «خديجة» أيضًا، ثم التفت لها وقال بهدوء:
“يلا بقى أطلعي علشان تنامي، وأنا ألحق أروح”

أومأت له في هدوء وهي تبتسم له، تركها ونزل الدرجات الصغيرة في البيت وقبل وصوله لِـلبوابة نادته هي بنبرة هادئة:
“ياسين؟”
التفت ينظر لها مُستفسرًا، فوجدها تبادله تلك النظرة ببسمة هادئة وهي تقول:

“شكرًا على اليوم دا، وشكرًا على كل حاجة، وكمان شكرًا على العروسة”
إبتسم هو ثم حرك رأسه بيأسٍ وقال:
“قولتلك أنا مش عاوز شكر، كل دا علشانك أنتِ، أنتِ وبس يا خديجة”

نظرت له بحب، وهو أيضًا بادلها تلك النظرة، وما أخرجهما من حالتهما تلك، صوت «وليد» هو يحمحم بقوة، تنحنح «ياسين» يُخفي حرجه، ثم قال:

“تصبحوا على خير”

خرج من البيت وهي تنظر في أثره بحب، بينما «وليد» وقف قبالتها وهو يبتسم بخبث، نظرت له وهي تقول:

“إيه مالك بتبصلي كدا ليه؟”

إتسعت بسمته ثم قال:
“حاسس أني بحلم يا خديجة، مش مصدق نفسي إنك كدا قصادي”

تبدلت نظرتها إلى الحزن ثم قالت:
“والله ولا أنا يا وليد، بس الفضل بعد ربنا لـ ياسين”

أومأ لها موافقًا في هدوء ثم قال:
“طب يلا إطلعي يا خديجة، قبل ما عمي طه يخرج ويفضل يسألك”

أومأت له ثم تركته وركبت المصعد وهى تتنهد براحة كبيرة وتنظر للحقائب بيدها، بينما «وليد» تنهد بأريحية هو الأخر ثم قال بصوتٍ مسموع:
“أنا دلوقتي بس إطمنت عليكِ يا خديجة”.
________________

صعدت «خديجة» شقتها بهدوء، فتحت لها أختها وهي تنظر لها بخبثٍ، نظرت لها «خديجة» بتعجب ثم قالت:
“إيه يا جماعة كلكم هتبصولي كدا؟”

أتت «سلمى» من الداخل وهي تقول:
“معلش يا خديجة، أصل إحنا بنشوف عجايب الدُنيا قُصاد عنينا”

نظرت لها «خديجة» بسخرية ثم قالت:
“واللهِ! ليه ياختي؟ شايفاني سور الصين العظيم، ولا أكونش هرم خوفو قدامك؟”

ضحكت الفتيات عليها، بينما هي تركتهن لتدخل غرفتها، وقبل الدلوف إلى الرواق المؤدي للغرف، ركضت «خلود» خلفها وهي تقول:

“استني هنا، هو علشان أبوكِ مع عمامك تحت، وأمك مع طنط مروة تفتكري إنك ملكيش كبير هنا؟ إيه الحاجات اللي في إيدك دي”

توترت «خديجة» قليلًا، لكنها تصنعت الثبات وهي تقول:
“حاجات إيه دي؟ مفيش حاجة”

اقتربت منها «سلمى» أيضًا وهي تقول بسخرية:

“لأ أنسي دا إحنا عنينا ردار، قولي أنتِ بما يرضي الله بدل ما تزعلي”

تنهدت «خديجة» بضيق ، فهي تعرف انها لن تستطع الفِرار من مكرهن، فقالت بهدوء:
“طيب هغير هدومي وأوريكم”

حركت «خلود» رأسها نفيًا ثم قالت:
“لأ أنسي ورينا، وبعدها أدخلي نامي، ومش هتخطي خطوة واحدة قبل ما أشوف”

نظرت لهن بسخرية ثم قالت:
“هو أنتو فاكرين نفكسم جمارك؟ بس ماشي أمري لله”

أخرجت محتويات الحقائب وكانت عبارة عن العروسة ، والحقيبة الأخرى بها دُب صغير من اللون الأسود (باندا) و ميدالية صغيرة على شكل فراشة، و مج مطبوع عليه رسمة كرتونية،  دفتر صغير باللون الوردي، وضعت تلك الأشياء على الطاولة، فشهقت «سلمى» بينما «خلود» تلمست الأشياء بيدها وهي متعجبة، ثم أمسكت العروس وقالت:

“خديجة أنا هاخد العروسة دي علشان خاطري”

صرخت بها «خديجة» قائلة بقوة:

“لأ خدي أي حاجة من دول، بس العروسة دي لأ يا خلود”

نظرت لها «خلود» بحنقٍ ثم قالت:
“ليه يعني؟ وبعدين أنتِ كبرتي على الحاجات دي”

حركت رأسها نفيًا بقوة ثم قالت:
“لأ، ياسين هو اللي جبهالي والهدية لا تُهدى”

إبتسمت «خلود» بخبثٍ ثم قالت:
“سحبت منك الأعتراف بهدوء ومن غير مجهود، أصل أنا لو سألتك هتقوليلي كان نفسي فيها وجبتها”

شهقت «خديجة» بقوة ثم قالت:
“عرفتي منين؟ أنا كنت هقول كدا”

تدخلت «سلمى» تقول بمشاكسة:
“هو إحنا عيال صغيرة قدامك؟ دا إحنا ريا وسكينة على رأي عمو طه”

نظرت «خديجة» لهن بضيق ثم قالت:
“ماشي يا ريا أنتِ و سكينة، أنا هدخل أنام، أنا غلطانة أصلًا علشان صدقت عيال زيكم”

جمعت المحتويات ودخلت وهي تشعر بالضيق منهن يزيد أكثر من ذي قبل، نظرت «خلود» إلى «سلمى» ثم قالت:

“البت دي اتغيرت كدا ليه؟تفتكري فيه حد في حياتها؟”

نظرت لها «سلمى» بحنقٍ ثم قالت بسخرية:

“لأ وأنا افتكر ليه، دي يدوبك متجوزة بس”

نظرت كلتاهما للأخرى بطريقة غامضة وثوانٍ وإنتشرت ضحكاتهن بفرحة كبيرة، لأجل فرحة «خديجة» .

في داخل الغرفة قامت هي بتبديل ثيابها ثم قامت بتأدية ما فاتها من فروض وهي تشعر بالضيق من نفسها، ثم جلست على الفِراش، وأفرغت الحقائب ونظرت للمحتويات بِـحب تنهدت بعمقٍ ثم صفقت بكفيها معًا كتعبيرًا منها عن فرحتها، ثم أمسكت العروس بين ذراعيها وقبل أن تأخذ وضع النوم، صدح صوت هاتفها برقمه، ضغطت على زر الإيجاب وبسمتها مرسومة على وجهها، بينما هو قال بنبرة هادئة:

“أنا بصراحة كنت عاوز أنام وعيني قفلت، بس قولت أكلمك أطمن عليكِ”

إتسعت بسمتها ثم تنهدت بأريحية وقالت:
“أنا الحمد لله، صليت وكنت لسه هنام دلوقتي”

تحولت نبرته إلى الخبث وهو يقول:
“تقبل الله يا خديجة، عقبال ما أصلي بيكِ في بيتنا”

خجلت من حديثه وصمتت ولم تستطع أن تجيبه، بينما هو استطرد حديثه قائلًا:

“أكيد طبعًا مش عارفة تنامي وماسكة العروسة في إيدك، المهم أفتحي النوت بوك اللي عندك”

تغاضت هي عن جملته الأولى بإرادتها، وقالت بهدوء:
“أفتحها ليه؟”

بنفس هدوء نبرته قال:
“افتحيها بس يا ست الكل”

فعلت كما طلب هو منها وفتحت أول صفحات الدفتر وجدت بداخلها عبارة مدونة بخطٍ جميل من قِبله عبارة عن:

“أنا هُنا حيثُ أنتِ…أودُ أن أكونُ أينما كُنتِ”

شهقت بقوة حينما رآت تلك العبارة، بينما هو تحولت بسمته إلى الضحك حينما سمع شهقتها، ثم قال بنبرة خبيثة:

“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

أجابته هي بسرعة كبيرة:

“حلوة أوي وخطك كمان حلو أوي”

أخذ نفسًا عميقًا ثم قال:
“الحلو للحلو يا خديجة، يلا أسيبك بقى تنامي علشان اليوم كان متعب”

_”بس كان حلو”

خرجت منها تلك الجملة بسرعة كبيرة دون تفكير بها، إبتسم هو ثم قال موافقًا لها:
“ماشي يا ستي كان حلو، ونهايته حلوة كمان، تصبحي على خير”

قالت بنبرة خفيضة:
“وأنتَ من أهل الخير يا رب دايمًا”
_______________

في صباح اليوم التالي إستيقظت هي متأخرة عن موعدها الأساسي، شعرت بالألم يَسري في جميع أنحاء جسدها، نظرًا للمجهود المبذول بالأمس، خرجت من غرفتها وجدت والدتها وأختها في انتظارها، نظرت لهن بخجلٍ ولم تستطع أن تتفوه بل جلست في هدوء، بينما والدتها نظرت لها وقالت:

“مش عادتك يعني تصحي متأخر كدا؟”

تنحنحت تُنقي حنجرتها بهدوء ثم قالت:
“لأ أبدًا أنا بس كنت مصدعة شوية علشان كدا محستش بنفسي ونمت كتير”

أومأت لها والدتها ثم نظرت للتلفاز مرةً أخرى، بينما شقيقتها قالت:
“أنا هنزل عند سلمى، علشان هنروح نشتري حاجات مهمة”

سألتها «خديجة» بهدوء:
“حاجات إيه دي ما تبطلوا حركة شوية؟”

نظرت لها «خلود» بخبثٍ ثم قالت:
“عروسة، رايحين نجيب عروسة يا خديجة”

توردت وجنتيها ثم اخفضت رأسها تُخفي خجلها، بينما والدتها نظرت للصغيرة بضيق وقالت:

“غوري يا خلود من وشنا، روحي شوفي حالك”

خرجت «خلود» من الشقة، بينما «زينب» نظرت لـ «خديجة» وكأنها تتفحصها، شعرت هي بالخجل فقالت:

فيه حاجة يا ماما؟…أصلك..أصلك بتبصيلي”

إبتسمت والدتها وهي تقول:
“أصل حاسة إن ملامحك أتغيرت، كأنك صغرتي يا خديجة، من زمان مشوفتش وشك منور كدا”

أومأت لها في هدوء ولم تُعقب، بينما «زينب» أستطردت حديثها قائلة:

“حتى طه نفسه ملاحظ إنك متغيرة، كلنا ملاحظين إن حياتك بعد ياسين إتغيرت”

شعرت بالخجل من حديث والدتها، فقالت حتى تُخفي ذلك التوتر الذي تشعر به:

“لأ عادي يعني، ممكن يكون علشان بقيت أنزل وأنا مكنتش وأخرج وأنا مكنتش كدا”

أومأت لها والدتها ولا زالت البسمة الهادئة تُزين وجهها، بينما هي صدح هاتفها برقمه، تصنعت والدتها الإنشغال عنها حتى لا تُسبب لها حرجًا، أما هي فأخذت الهاتف ودخلت الشرفة في هدوء، أجابته بهدوء قائلة:

“السلام عليكم يا ياسين”

إبتسم هو بهدوء ثم قال:
“وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا خديجة، إيه كنتِ نايمة في كهف، كلمتك ١٠ مرات”

ضحكت على جملته ثم قالت:
“لأ كنت نايمة في اوضتي والله، بس من التعب مكنتش حاسة بحاجة”

إبتسم بهدوء ثم قال:
“وأنا مصدقك بس المهم أنا بكرة عاوزك في مشوار ضروري”

_”مشوار إيه دا يا ياسين؟”

خرج منها ذلك السؤال بتعجب بينما أجابها هو بثبات:
“مشوار مهم وخلاص ومتسأليش كتير يا خديجة، يلا سلام”

اغلق معها الهاتف وعاد لينغمس في عمله، بينما هي انشغلت في التفكير في ذلك المشوار الذي يطالبها بالحضور له.
_____________

في شركة أحفاد آلـ «رشيد» جلس الشباب معًا داخل الغرفة الكبيرة، وكلًا منهما يتابع عمله، أتى «حسن» من الخارج وهو يقول:
“الناس استلمت اللوح والحاجة بقت تمام”

أومأ له الجميع في هدوء فتحدث «طارق» قائلًا:
“وأنتَ يا وليد؟ ظبطت حملة الدعاية على النت ولا لسه محتاج تفاصيل؟”

أومأ له «وليد» في هدوء ثم قال:
“كله بقى تمام، والإعلان نزل خلاص متقلقش”

قبل أن يُعقب صدح صوت هاتف «وئام» عاليًا، برقم والدته، تعجب من ذلك التوقيت الذي تهاتفه به فقال:
“غريبة ماما بتتصل دلوقتي ليه؟”

انتاب القلق قلب «وليد» فقال بسرعة:
“شوف كدا ممكن حد يكون جراله حاجة أو فيه حاجة مهمة”

وافقه «وئام» ثم قام بالرد على والدته، وقف فجأةً وهو يقول:

“إيه مالها طيب، أنا جاي أهوه”

ركض من غرفة المكتب، تحت أنظار التعجب من الجميع،خرج طارق خلفه  أوقفه «طارق» بقوله:
“أستنى عندك يا بني فهمنا حصل إيه؟”

وقف «وئام» مشوشًا وهو يقول:
“هدى تعبانة أوي يا طارق، أنا هروح أشوفها”

ركض «طارق» خلفه وهو يقول:
“مش هينفع تسوق كدا، أستنى هاجي معاك أنا”

ركض الاثنين معًا، بينما وقف «حسن» مشدوهًا وقال بتعجب:
“مالهم الهُبل دول ؟”

وقف «أحمد» وهو يقول:
“بقولكم إيه تعالوا نروح نشوف فيه إيه طالما مش ورانا حاجة”

وافقه «حسن» بقوله:
“أنتَ صح وأنا هاجي معاكم علشان مش هينفع اسيبكم لوحدكم”

نزل الشباب من البناية بسرعة كبيرة حتى يلحقوا بهما.

في بيت آلـ «رشيد» اجتمعت العائلة بأكملها في شقة المناسبات ولم يفهم أيًا من الموجودين ماذا يحدث حولهم، اقتربت «خديجة» من «سلمى» في مكانٍ منزوي عن الأنظار وهي تقول:
“هو فيه إيه متجمعين كلنا ليه؟”

هزت «سلمى» كتفيها وقالت بهدوء:
“والله مش عارفة أختك راحت تشوف إيه الدنيا وجاية تاني”

نظرت «خديجة» حولها بتوتر ثم قالت:
“طب والزينة دي ليه؟”

اقتربت «عبلة» منهن وقالت والبسمة تُزين وجهها:
“أنا هقولك يا ستي هدى طلعت حامل، كانت شاكة وعملت التحاليل و تأكدت، هما بقى عاملينها مفاجأة لـ وئام”

أومأت «خديجة» في هدوء وهي تقول بفرحة:
“ماشاء الله ربنا يسعدهم، طب أطلع أنا بقى”

نظرت لها «عبلة» بحزن وقالت:
“لأ يا خديجة علشان خاطري افضلي معانا هنا، اليوم هيكون حلو والله”

تذكرت هي حديث الطبيبة حينما قالت لها:
“علشان تتخلصي من خوفك لازم تواجهي مخاوفك دي، طول ما أنتِ بتبعدي عن المواجهة، يبقى بتبعدي عن علاج المشكلة نفسها”

خرجت من شرودها على صوت «عبلة» وهي تقول:
“إيه روحتي فين؟ هتفضلي معانا ولا لأ؟”

أخذت نفسًا عميقًا ثم أومأت بهدوء، بينما «عبلة» احتضنتها وهي تقول:
“أيوا كدا يا ديجا”

خرجت «عبلة» من حضن «خديجة» بهدوء وهي تشعر بالخجل وقالت:

“أنا..أنا أسفة يا خديجة، بس من فرحتي إن هتفضلي معانا مقدرتش أسيطر على فرحتي”

إبتسمت لها «خديجة» بهدوء وقالت:
“ولا يهمك يا عبلة، أنتِ أختي”

نظرت لها «عبلة» و الدموع تلمع بمقلتيها ثم قالت:
“بجد بتعتبريني أختك يا خديجة؟”

أجابتها «خديجة» على الفور دون تفكير:
“آه طبعًا، أختي يا عبلة، مش محتاجة كلام”

شعرت «عبلة» بالخزي من نفسها ومما كانت تشارك في فعله تجاهها مع «هدير» فقالت بهدوء:
“شكرًا يا خديجة وحقك عليا”

نظرت لها «خديجة» مستفسرة ثم قالت:
“حق إيه دا ا عبلة؟”

حركت «عبلة» رأسها نفيًا بهدوء وهي تقول:
“لأ مفيش حاجة، بصي هبقى أقولك بعدين، لو تسمحيلي يعني أقعد معاكِ ومتقفليش على نفسك”

إبتسمت لها «خديجة» وقالت بهدوء:
“تعالي في أي وقت أنا تحت أمرك”

وبعد مرور دقائق وقف الجميع في إنتظار «وئام» وفجأة فُتح الباب بواسطته، و «طارق» معه، نظر هو لهم بتعجب ودب الرعب أوصاله حينما لم يراها واقفة بينهم، فسأل بنبرة مهتزة:
“هي..هي هدى كويسة صح؟ هي فين”

وفجأة وجد تصفيق حار يخرج من الجميع، وفي نبرة واحدة خرج صوتهم قوي بقولهم:

“ألف مبروك هتبقى أب يا وئام”

احتضنه «طارق» بسعادة بالغة وخرجت زوجته من الشرفة بهدوء، وهو واقفًا مشدوهًا لم يدري ماذا يفعل، اقتربت منه زوجته بعدما خرج هو من حضن رفيقه وقالت بنبرة حزينة:

“أنتَ مش فرحان يا وئام؟ بيقولولك هتبقى أب”

انهت جملتها فوجدت نفسها بين أحضانه وهو يقول بصوتٍ مختنق من الفرحة:

“مش فرحان إزاي بس، أنا من فرحتي حاسس أني بحلم يا هدى، ربنا يخليكي ليا”

خرجت من بين ذراعيه بهدوء وهي تبتسم بسعادة بالغة، في تلك اللحظة وصل البقية، وأول من نطق كان «وليد» حينما قال:
“إيه يا جماعة في إيه؟ طمنونا”

اقتربت منه «هدير» تقول بغرور:
“هدى حامل وهتجيب نونو صغير وأنا هبقى خالته وللأسف أنتَ هتبقى عمه”

نظر لها «حسن» بتعجب من طريقتها ثم نظر لـ «وليد» فوجده يقول:

“للأسف الطفل دا هيضيع عليه فرصة إنه يعرف ناس طيبة”

أومأت له ثم أضافت قائلة:
“وعلشان كدا هبعده عنك يا وليد، علشان يبقى متحاوط بس بناس طيبة، وهربيه أنا وعمتو مشيرة مع بعض صح يا عمتو؟”

أومأت «مُشيرة» بثقة ثم قالت:
“طبعًا دا أول حفيد لعيلة الرشيد، يعني هيتربى معايا هنا في شقتي، وهدير هتساعدني في تربيته”

نظر الجميع إلى بعضهم البعض بتعجب، بينما «وليد» رفع أحد حاجبيه بثقة وقال:

“والله كدا مش هيتربى في شقة، كدا هيتربى في صحرا”

وقبل أن يفهم أيًا من الموجودين مغزى الجملة، نطق «طارق» حتى يُشغِل الجميع:

“طب يا جماعة يلا نشوف هتشربونا إيه علشان حسن اللي جاي على ملى وشه معانا دا”

أومأ له الجميع في هدوء، بينما «خديجة» دخلت الشرفة حينما شعرت بالتوتر يفاجئها.
__________________

أنهى «ياسين» عمله فوجد مكالمة هاتفية فائتة من رقم «خالد» تعجب هو ثم أجمع محتوياته وخرج من مقر عمله، ركب سيارته وقبل أن يقوم بتشغيل المُحرك، قام بمهاتفة «خالد» أجابه «خالد» فسأله «ياسين» مُستفسرًا:

“إيه يا خالد كلمتني ليه؟”

أجابه «خالد» بهدوء:
“رايحين نشوف القاعة لعامر وبالمرة نسأل لياسر، النهاردة هتيجي معانا”

أجابه «ياسين» مؤكدًا:
“آه طبعًا هاجي معاكم، هي دي عاوزة سؤال؟”

رد عليه «خالد»:
“طب تمام، هبعتلك العنوان ونستناك هناك”

وبعد ما يقرب النصف ساعة وصل «ياسين» إلى أصدقائه وجد «عامر» جالسًا بالسيارة والموسيقى عالية بها، وقف بجانب «خالد» و «ياسر» ثم أشار برأسه على السيارة وهو يقول:
“ماله الأهبل ؟ وايه اللي هو عامله دا؟”

ضحك «خالد» ثم قال:
“فرحان يا عم علشان هنحجز القاعة، عقبالك”

خرج «عامر» من السيارة والبسمة البلهاء مرسومة على وجهه، ثم قال وهو يراقص حاجبيه معًا:

“هحجز قاعة فرحي وأنتَ لأ يا ياسين، خليك أنتَ كدا”

ضحك الجميع عليه، بينما «ياسين» ضرب كفًا بالأخر وهو يقول:
“يابني لِم نفسك أنتَ في تالتة تالت؟ناقص تقولي ماما عملالي سندوتشات لانشون”

تدخل «ياسر» قائلًا:
“أنتَ عرفت منين، دا فعلًا كان نازلنا بسندويتش لانشون”

عقب «خالد» على حديثه قائلًا:
“علشان دا عامر، المهم محدش فيكم يفتح بوقه جوه، سيبوني أتكلم أنا”

أومأ له «ياسين» و «ياسر» بينما «عامر» تحدث قائلًا بحنقٍ:
“ليه إن شاء الله، دي قاعة فرحي أنا، يعني أنا اللي هتكلم”

نظر له «ياسين» قائلًا بسخرية وهو يقلد طريقته:

“آه دا بأمارة معلش يا عمو فرحي الأسبوع الجاي خلي القاعة فاضية علشان مزعلش منك؟”

حمحم«عامر» بإحراج ثم نظرلصديقيه وهو يقول بضيق:
“هو أنتم علطول فضحني كدا؟ وكاسفني قدام الناس كلها”

ربت «ياسين» على كتفه ثم قال:
“يا جدع متقولش كدا، المهم يلا علشان نلحق قبل ما الفرح دا يشتغل “

أشار خلف صديقه لمجموعة شباب يتجهزون لفرحٍ بداخل القاعة، أومأ له الجميع ودخلوا سويًا، جلسوا على أريكة كبيرة موضوعة في ردهة القاعة، أتى لهم رجلٌ في منتصف العقد السادس من عمره رحب بهم ثم جلس مقابلًا لهم وقال:

“اتفضلوا أنا تحت أمركم”

قبل أن يجيبه «خالد» تحدث «عامر» بسرعة قائلًا:

“لو سمحت يا عمو عاوزين قاعة حلوة زيك كدا، علشان فرحي”

جحظت أعين «ياسر» للخارج، بينما «ياسين» وضع يده على فمه حتى يُخفي ضحكته، أما «خالد» فـ مال على أذن «عامر» وقال وهو يَصرُ على أسنانه:

“دا أنا هعمل منك لانشون لما نخرج، ماشي صبرك عليا”

أومأ له «عامر» في خجلٍ ولم يتفوه، اعتدل «خالد» أكثر في جلسته ثم قال:
“إحنا متأسفين جدًا بس عريس بقى وبيحب الهزار”

إبتسم الرجل ثم قال بتفهم:
“لأ عادي ولا يهمك، الف مبروك مقدمًا”

حمحم «خالد» ثم قال:
“طيب إحنا عاوزين نسأل عن التفاصيل وعن الحجز”

اخبرهم الرجل بالعروض جميعها وبالأسعار،أُعجب الجميع بالعرض، وبالمبلغ، بينما تحدث الرجل قائلًا:

“تمام الميعاد إمتى تحديدًا؟”

أخبره «عامر» بالموعد فـ رد عليه الرجل مُتأسفًا:
“للأسف يا فندم، القاعة محجوزة لـ ٣ شهور جاية ، فصعب أوي تلاقي حجز اليوم دا”

نظر الشباب لبعضهم البعض بضيق، فتحدث «ياسر» قائلًا:
“ولا حتى يوم*****”

أومأ له الرجل مُتأسفًا مرةً أُخرى ثم أضاف:
“أنا متأسف بس دا موسم والناس بتحجز من قبلها بشهور وساعات سنة كاملة يعني الفترة دي كلها صعب”

أومأ له الشباب ثم خرجوا من القاعة وعلامات الضيق مرسومة على وجوههم، وقفوا أمام السيارات، نظر «عامر» للقاعة بسخرية ثم قال:

“لأ وقال إيه إسمها قاعة القصر، دي محصلتش شقة ١٠٠ متر”

ضحكوا عليه جميعًا، فتحدث «ياسين» قائلًا:
“حتى وأنتَ متضايق بتهزر؟ دا إيه حلاوة روح؟”

حرك «عامر» رأسه نفيًا ثم قال:
“لأ وأنتَ الصادق دي تناحة”

ربت «ياسين» على كتفه ثم قال:
“متضايقش نفسك ، هتتحل أكيد يعني فيه قاعات فاضية اليوم دا”

ثم نظر لـ «ياسر» وجد الضيق باديًا على وجهه فقال بهدوء:
“إيه يا ياسر أنتَ كمان، مالك هنلاقي قاعة متقلقش”

نفخ «ياسر» وجنتيه بضيق ثم قال:
“كل الحكاية إن القاعة دي تحديدًا إيمان و سارة نفسهم يعملوا فرحهم فيها”

أضاف «عامر» قائلًا:
“دي تعتبر أحسن حاجة شوفناها، بس يلا ملناش نصيب فيها”

تدخل «خالد» قائلًا:
“افتكروا دايمًا إن ربنا مش هيمنع عنكم حاجة غير لو هيرزقكم بحاجة أفضل ليكم، إرضوا علشان ربنا يراضيكم”

أومأ له الأثنين، بينما «ياسين» قال بمرحٍ:
“طب يلا نروح نشوف ميمي، علشان مشوفتهاش إمبارح”
_________________

في بيت آلـ «رشيد» إجتمعت الفتيات في الشقة الخاصة بهن مع نساء العائلة، والرجال أيضًا في الجهة الأخرى، عند الرجال تحدث «طارق» بضيق وهو يقول لـ «وليد»:

“قولتلك يا وليد إمسك لسانك شوية، رايح تقول كدا على عمتك وبنت عمك”

أطاح له «وليد» بيده ثم قال:
“أعمل إيه يعني هما اللي عصبوني، وبعدين هدير دي حرباية”

تدخل «وئام» قائلًا:
“حصل خير بس خلي بالك بعد كدا يا وليد، حسن كان موجود وأكيد اتحرجوا منه”

أومأ له «وليد» ثم قال بضيق:
“خلاص يا جدعان، أنا هبقى بعد كدا أكتم بُوقي خالص”

في الجهة الأخرى قامت «مروة» بسكب المشروبات للجميع ثم قالت:
“حد يودي فيكم يا بنات العصير هناك عند الشباب”

وقفت «خديجة» تقول بهدوء:
“هاتيهم يا ماما مروة أنا هوديهم”

نظر لها الجميع بتعجب، فشعرت هي بالتوتر لكنها تجاهلته كما أمرتها الطبيبة ، وقبل أن تخرج من الشقة تحدثت «هدير» بصوتٍ عالٍ:
“خلي بالك يا خديجة علشان إيدك متترعش والحاجة تقع منك”

أخذت «خديجة» نفسًا عميقًا زفرته على مهلٍ ثم تركتها وخرجت من الشقة دون أن تتفوه بـِحرفًا، بينما «عبلة» مالت على أذن «هدير» وهي تقول:
“هو أنتِ لازم ترمي كلمة تحرق دمها وخلاص؟”

تصنعت «هدير» اللامبالاة وهي تقول:
“فين دا؟ أنا خايفة عليها علشان الصينية متقعش منها”

نظرت لها «عبلة» بضيق ، بينما «هدير» نظرت أمامها ولم تهتم كثيرًا.

عادت «خديجة» مرة أخرى وحاولت جاهدة أن تُكمل تلك الجلسة وهي تُحمس نفسها أنها غير مراقبة من قِبل الأخرين، وأن الأمور على ما يرام، هكذا كانت تظن حتى التقت عيناها بأعين عمتها، وحينما لاحظت قوة النظرة، أخفضت بصرها، بينما «مُشيرة» ظلت تنظر لها وهي تتفحصها، تحدثت «هدى» تقول بمرحٍ:

“إيه يا خديجة هنفرح بيكِ إمتى؟ عاوزين فرح في العيلة هنا”

شعرت «خديجة» بالتوتر قليلًا، لكنها قالت بهدوء:
“قـ…قريب..ياهدى إن شاء الله”

تحدثت «مُشيرة» تقول بتصنع:
“أيوا علشان تجبيلنا بيبي أنتِ كمان، علشان إبن هدى أو بنتها ميكونش لوحده”

أخفضت «خديجة» بصرها، فهي لم تتحمل أكثر من ذلك، حتى وإن كانت تُحمس نفسها وتتصنع القوة الواهية، لكنها لن تستسلم لفكرة الهرب مرةً أُخرى، بينما «مُشيرة» أشارت لـ «هدير» بعيناها وكأنها تقول:

“أنظري لها جيدًا”
__________________

في شقة «ميمي» وصل الشباب والضيق يعتلي ملامح وجوههم بعد مرورهم على عدة قاعات وللأسف جميعها تم حجزها من قبل، نظرت «ميمي» لهم بتعجب ثم قالت:

“يا ستار يا رب مالكم يا حبايب قلبي؟”

جلس «عامر» جانبها بضيق، و «ياسر» إرتمى بجسده على الأريكة، بينما جلس كلًا من «خالد» و «ياسين» على طاولة السُفرة، ولم يتفوه أيًا منهما أيضًا.

نظرت «ميمي» حولها بتعجب ثم قالت:
“يا عيال عبروني مالكم، رد أنتَ يا ياسين؟”

زفر «ياسين» بضيق ثم قال:
“مفيش كل الحكاية إن القاعات كلها محجوزة الفترة الجاية، أقرب قاعة في الوقت مش قبل ٣ شهور”

ضربت هي على صدرها وقالت:
“لا حول ولا قوة إلا بالله،معلش يا حبايبي متزعلوش نفسكم”

نظر لها «عامر» بضيق ثم قال:
“أنا مش زعلان علشاني أنا ، أنا زعلان علشان زعل سارة”

أيده «ياسر» ثم أضاف قائلًا:
“إيمان كانت معشمة نفسها أوي”

نظر لهم «ياسين» بحزن ثم قال:
“خلاص أنتَ و هو أنا هتصرف، سيبوها على الله ثم عليا”

تدخل «خالد» قائلًا:
“وأنا هسأل برضه لو فيه قاعة أو حاجة قريبة”

أومأ له الجميع بموافقة،بينما «عامر» قال بضيق:
“طب وهقول لـ سارة إزاي؟ هتزعل والله”

ربتت «ميمي» على كتفه ثم قالت:
“متزعلش نفسك هما جايين بكرة، وأنا هقولهم”

اعتدل «ياسر» ثم اقترب منها وقال:
“بجد يا ميمي هتقوليلها أنتِ؟”

أومأت له بهدوء ثم رسمت بسمة هادئة على وجهها وقالت:
“متقلقوش أنتم مختارين بنات أصول، وهيقدروا”.
______________

عاد «ياسين» إلى بيته وهو يشعر بالضيق مما مر به أصدقائه، تناول العشاء مع والديه بضيق لاحظه الأثنين، فسأله والده:

“إيه مالك اتخانقت مع مراتك ولا إيه؟”

إبتسم هو بسخرية ثم قال:
“ريح نفسك يا حج رياض، مش هيحصل، أنا بس مخنوق شوية”

سأله والده مُستفسرًا:
“ليه طيب؟ مين خانقك، أمك؟”

أتت «زُهرة» من الداخل وهي تقول:
“هو أنا عملت حاجة، ما أنا قدامكم أهو”

حرك رأسه نفيًا ثم قال:
“مش ماما ومش خديجة، ومش أنتَ يا بابا، أنا بس زعلان علشان ياسر و عامر”

سألته والدته بقلق:
“مالهم يا حبيبي فيهم إيه؟”

زفر بضيق ثم قص عليها ماحدث وعن ما أصاب صديقيه، أنهى حديثه ثم أضاف:

“أنا بس زعلان علشان اتعشمنا وهما كانوا فرحانين أوي، ويعيني اتخذلوا”

ربتت والدته على كتفه ثم قالت :
“متزعلوش نفسكم أكيد ربنا هيعوضهم، محدش عالم يمكن الوقت دا يحصل فيه حاجة أو فيه خير ليهم في مكان تاني “

أومأ لها «ياسين» ثم قال:
“ربنا يفرحهم ويعوضهم خير”

فجأة صدح هاتفه برقمها، تعجب هو فإنسحب إلى غرفته بهدوء، أجاب على مكالمتها قائلًا بقلق:

“إيه يا خديجة في حاجة حصلت، أنتِ كويسة”

تعجبت هي من سؤاله، فقالت:
“آه الحمد لله أنا بخير، أنتَ مالك صوتك شكله متضايق”

تنهد بأريحية ثم قال:
“لأ أنا الحمد لله كويس، أنتِ طمنيني عليكِ، معلش أنا استغربت علشان كنت فاكرك نايمة”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت:
“بصراحة كنت فرحانة ومفيش غيرك أشاركه تفاصيل اليوم لو مش هضايقك”

أجابها بسرعة قائلًا:
“أنتِ بستأذني؟! طبعًا أنا تحت أمرك في أي وقت”

تنهدت هي بعمق ثم قالت:
“النهاردة هدى بنت عمي محمود ومرات وئام طلعت حامل، وأنا هبقى عمتو وخالتو في نفس الوقت، وكمان كملت اليوم معاهم تحت من غير ما أهرب زي كل مرة، رغم إني كنت خايفة شوية و متوترة، بس افتكرت كلام الدكتورة،…هو دا يعتبر إنجاز صح؟ ولا أنا هبلة؟”

ضحك هو على جملتها الأخيرة ثم قال:
“كل دا ومش إنجاز؟ كفاية فرحتك لغيرك دي مبشوفهاش كتير أو مبشوفهاش أصلًا يا خديجة، ولأ أنتِ مش هبلة أنتِ أعقل بنت في البنات كلها، وكمان أنا فرحان بيكِ علشان بتسمعي كلام الدكتورة، وكمان بقيتي تواجهي ومش بتهربي”

شعرت بالسعادة تغمرها بعد حديثه فقالت بنبرة جاهدت حتى تخرج طبيعية دون بكاء:

“شكرًا لك ولـ كلامك بجد، علطول بحس حتى لو إنجازي ضعيف أنتَ بتشجعني وبتحسسني إني عملت حاجة كبيرة أوي”

إبتسم هو نتيجة فرحتها تلك ثم قال:
شكرًا لكِ أنتِ يا خديجة”

سألته مُستفسرة بتعجب:
“شكرًا ليا أنا ليه؟ هو أنا عملت حاجة؟”

رد عليها مُردفًا:
“علشان أنا كنت متضايق من شوية، بس لما كلمتيني أشاركك فرحتك دي، حسيت إني بقيت أحسن”

شعرت هي بالحزن لأجله فقالت بهدوء:
“طب ممكن أعرف إيه اللي مضايقك؟

إبتسم هو ثم قال:
“آه طبعًا، أنتِ الوحيدة اللي أقدر أشاركها كل حاجة حتى زعلي”

إبتسمت هي بحب ثم قالت:
“طب إحكيلي وإن شاء الله نلاقي حل سوا”

زفر هو بضيق ثم قص عليها ما حدث لأصدقائه، أنهى حديثه ثم أضاف مستطردًا حديثه من جديد:

“أنا مش بحب أشوف حد فرحته ناقصة أو حد يتخذل بعد ما يتعشم ودا اللي حصلهم، وأول مرة مقدرش أساعدهم”

تنهدت هي بعمق ثم قالت:
“عارف إن أنتَ كل يوم بتبهرني أكتر، أنتَ قلبك جميل أوي يا ياسين، و إحساسك باللي حواليك دا جميل أوي”

إرتسمت بسمة هادئة على وجهه ثم قال:
“أنا قلبي بِـ حُبك يا خديجة بقى زي الشوارع لو تدخليها هتلاقي صورتك محفورة على ركن فيها”

صمتت عن الحديث وإرتفعت ضربات قلبها، بينما هو كعادته قال بمرحٍ:
“خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ”

ضحكت هي حتى وصله صوت ضحكتها ثم قالت:
“بصراحة آه مش هنكر يعني، المهم أنا عندي حل بس قبل ما تتعشم هشوف الأول وأقولك”

سألها مُستفسرًا:
“حل إيه؟ هتعملي إيه يعني؟”

ردت عليه بهدوء:
“حاجة هسأل وليد عليها لو تمام يبقى هأكد عليك وأنتَ تتصرف”

رد عليها بهدوء:
“ماشي، بس متنسيش معادنا بكرة”

إبتسمت بهدوء ثم قالت:
“متخافش مش ناسية، هكون جاهزة على الوقت”
______________

في صباح اليوم التالي، كانت «خديجة» مستيقظة مبكرًا ولكن بعد رحيل والدها وأخيها للعمل، كعادتها في الأيام الأخيرة حينما أمرتها الطبيبة بضبط مواعيد نومها، جلست في غرفة الصالون، ثم قامت بمهاتفة «وليد»، رد عليها هو متعجبًا:

“خير يا خديجة بتكلميني الصبح بدري كدا ليه؟ مشيرة ماتت؟”

ضحكت هي على جملته ثم قالت:
“لأ مشيرة مماتتش ولا حاجة”

أضاف هو قائلًا:
“ولا هدير اتحرقت حتى؟”

شعرت بالضيق منه فقالت:
“عيب بقى يا وليد كدا، أنا عاوزاك علشان حاجة مهمة”

سألها ساخرًا:
“حاجة مهمة الساعة ١٠ الصبح؟ دا فراغ صح؟”

زفرت هي بضيق ثم قالت:
“أنا غلطانة والله إني كلمتك يا وليد، مش عاوزة منك حاجة”

قبل أن تغلق بوجهه، أوقفها هو قائلًا:
“خلاص خلاص والله، قولي عاوزة إيه بسرعة بس علشان طارق غاوزني أنا وأحمد”

أخذت هي نفسًا عميقًا ثم قصت عليه ما تريده، فأجابها هو قائلًا:
“كان نفسي أفيدك والله بس دا مش صاحبي أنا دا صاحب وئام، والقاعة بتاعته هو مش بتاعة قريبه بس علشان وئام كان قريبه هو اللي ماسك كل حاجة هناك علشان تكون مظبوطة”

زفرت هي بضيق ثم قالت:
“طب أنا أعمل إيه طيب؟ أقولك كلم وئام وقوله أنتَ”

أوشك هو على الرد عليها بالموافقة لكنه تذكر حديث الطبيبة حينما طلبت منه أن تأخذ أدورًا قيادية، فتنحنح وقال:

“مش هعرف أكلمه أنا وهو متخانقين سوا بسبب هدير و مشيرة إمبارخ كلميه أنتِ”

تعجبت هي من قوله فـ ردت عليه قائلة:
“متخانقين ليه بس؟”

تصنع الحزن وهو يقول:
“علشان كنت بقول إن الولد كدا هيكون متربي فى صحرا”

سألته وهي مندهشة:
“طب وفيها إيه، أنا أصلًا مفهمتش قصدك، هو كان قصدك حاجة وحشة؟”

تحولت نبرته من الحزن إلى أخرى ساخرة وهو يقول:

“لأ حاجة وحشة إيه يا شيخة ، كل الحكاية إني كان قصدي إنهم عقارب بس”

شهقت بقوة ثم قالت:
“آه علشان يعني العقارب بتعيش في الصحرا؟”

بنفس النبرة الساخرة قال:
“الله ينور عليكِ هو دا قصدي”

ضحكت هي ثم قالت:
“نفسي في ربع طول لسانك ومش عاوزة حاجة تانية”

ضحك هو ثم قال:
“صعب يا خديجة والله اللسان دا مش موجود غير عندي وعند مشيرة وهدير، أبقي فكريني أديلك من خبرتي”

أغلقت هي معه الهاتف، ثم جلست تنظر له في يدها وهي تفكر في حل لتلك المعضلة، كانت تخشى مهاتفة «وئام» على العلم من تأكدها أنه لن يخذلها، هي تكره الأحاديث الهاتفية كثيرًا، ولكن لكل قاعدة إستثناء و «ياسين» هو إستثناءها الوحيد لك القواعد العامة، حينما أخذها التفكير إليه عزمت على تنفذ قرارها، لذلك ضغطت على رقم «وئام» لكي تهاتفه، رد عليها متعجبًا وهو يقول:

“إيه يا خديجة أؤمري، دا التليفون بيزغرط علشان رقمك عليه”

إبتسمت هي بهدوء ثم قالت بتوتر د:
“شـ…شكرًا يا وئام، أنا مكسوفة أصلًا وأنا بكلمك”

رد عليها هو بضيق مصطنع:
“ليه كدا بس مش إحنا أخوات ولا هو وليد بس”

حركت رأسها نفيًا ثم قالت بهدوء:
“لأ والله ربنا يعلم غلاوتك، أنا بس علشان عارفة إنك في شغلك”

ضحك هو على جملتها ثم قال:
“هو أنا شغال في المفاعل النووي يا خديجة، بس قوليلي عاوزة إيه وأنا معاكِ”

أخبرته ما تريده وقصت عليه حزء بسيط مما حدث، فأجابها هو قائلًا:

“ماشي يا خديجة أنا هظبطلك الدنيا وأبعتلك ، أو  أنتِ أبعتيلي رقم «ياسين» وأتواصل معاه.

إتفقت هي معه ثم أغلقت الهاتف، مر يومها بسلام إلى أن أتى موعدها معه، تجهزت هي تنتظر مهاتفته لها، وبالفعل خلال ثوانٍ كان ينتظرها في الأسفل، نزلت له وهي تبتسم بقوة ، و ودت في تلك اللحظة لو تعانقه بشدة، لكنها تحكمت في نفسها، نظرت له وجدت الضيق باديًا على وجهه على الرغم من البسمة الزائفة التي يرسمها على شفتيه، فقالت بهدوء:

“مالك يا ياسين شكلك زعلان”

حرك رأسه نفيًا ثم قال وهو يبتسم:
“كل الحكاية بصراحة إنك وحشتيني يا خديجة”

حركت رأسها للجهة الأخرى وهي تقول ببسمة هادئة:

“دا هو يوم يا ياسين”

إعتدل في وقفته، بعدما كان مستندًا على مقدمة السيارة ثم أمسك كفيها بين كفيه وقال بنبرة حنونة هادئة تخرج منه حينما يُغازلها:

“البُعدُ عنكِ يُرهقني..ونظرةً منكِ تأويني..
اليَوم بدونِك يؤلمني..ورؤية محياكِ تُحييني”

يُتَبَع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى